حنكته الدبلوماسية لعبت دورًا في تعزيز العلاقات القوية بين الامارات و أذربيجان
تحتفل أذربيجان يوم 10 مايو الجاري بالذكرى السنوية المئة وواحد لميلاد زعيمها الوطني حيدر علييف، وينظر الشعب الأذري إلى هذا اليوم بوصفه مناسبةً يحتفون بها بنضالهم وتاريخهم المشرّف مُبدين امتانانهم اللامتناهي لهذا القائد وإرثه الحي، فقد تركت قيادة حيدر علييف الحكيمة وحنكته السياسية ونهجه الدبلوماسي بصمةً لا تمحى في مسيرة أذربيجان وأدت دورًا محوريًا في صياغة علاقاتها مع دولة الإمارات.
ولد حيدر علييف في 10 مايو 1923 في ناختشيفان، وعلى الرغم من بداياته المتواضعة إلّا أنّه نجح في أن يكون الزعيم الوطني لأذربيجان، الأمر الذي يدل على مرونته وفكره المتميز وتفانيه في الدفاع عن أمته. وقد بدا ذلك جليًا في جميع فترات مسيرته الوطنية بدءًا من عمله كسكرتير أول لأذربيجان السوفيتية بين عامي 1969 و 1982، وحتى تقلده منصب رئيس جمهورية أذربيجان المستقلة بين عامي 1993 و 2003، حيث قاد حيدر علييف بلاده خلال الأوقات الصعبة ، وأرسى فيها أسس الاستقرار والتقدم والازدهار.
شخصية استثنائية
كان حيدر علييف شخصية استثنائية صاغت تاريخ أذربيجان الحديث، فقد أسهمت خطواته الحكيمة في توجيه طاقات الشعب الأذري وإحياء روحه الوطنية، فبات يتطلع إلى التحرر والتقدم والسير على خطى أجداده في إقامة دولةٍ مستقلةٍ وقوية. كما تمكّن من توجيه إمكانات شعبه نحو التنمية الوطنية بعد أن واجهت بلادهم خطر محوها من الخريطة السياسية بسبب الاحتلال الأرمني والضغوط الخارجية والصراعات الداخلية.
كان الهدف الأساسي لحيدر علييف هو حل الصراع الأرمني الأذربيجاني على أساس قواعد ومبادئ القانون الدولي، وقد جند جميع موارد بلاده وقدرات شعبه لاستعادة العدالة التاريخية. وهكذا، تمكنت دولة أذربيجان من حماية سيادتها واستعادة استقلالها محققةً نصرًا مجيدًا في الحرب الوطنية التي استمرت 44 يومًا. وقد كان حيدر علييف، الذي ترك بصمةً لا تُمحى في سجلات بلاده، دائم الفخر بكونه مواطنًا أذربيجانيًا، وأصبح فيما بعد مصدرًا لفخر أبناء شعبه ورمزًا وطنيًا لأذربيجان في جميع أنحاء العالم.
امتد أثر حيدر علييف إلى ما هو أبعد من حدود أذربيجان، ولعبت رؤيته الاستشرافية وحنكته الدبلوماسية دورًا حاسمًا في تعزيز العلاقات القوية بين أذربيجان والإمارات، حيث أدرك حيدر علييف أهمية بناء الجسور بين الدول. وتحت قيادته، ازدهرت العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين.
كما كانت صداقة حيدر علييف الشخصية مع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الأب المؤسس لدولة الإمارات العربية المتحدة، بمثابة حجر الأساس للتفاهم المتبادل بين البلدين، وقد أرست رؤيتهما المشتركة للسلام والتعاون والاحترام الأساس لشراكة قوية لا تزال تزدهر حتى اليوم.
سعى حيدر علييف سعيًا حثيثًا نحو تطوير العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وأذربيجان في العديد من المجالات، بدءًا من الطاقة والتبادل التجاري وحتى الثقافة والسياحة، فأقامت الدولتان علاقات تعاونٍ قوية عادت بالنفع على اقتصادها وأثرت حياة مواطنيها.
وفي سياق استضافة باكو لمؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (COP-29) هذا العام، لا بد من الإشادة بجهود حيدر علييف الموجهة نحو الاستدامة البيئية وسياسات المناخ في أذربيجان والتي مهدت الطريق لترؤس البلاد هذا المؤتمر الدولي بالذات. فانطلاقًا من إيمانه بأهمية التصدي للتغير المناخي وآثاره على الأجيال القادمة، شرع حيدر علييف في اتخاذ العديد من التدابير الاستراتيجية للحد من التلوث البيئي وتعزيز ممارسات التنمية المستدامة. على سبيل المثال، نفذت أذربيجان تحت قيادته العديد من السياسات لتنويع مصادر الطاقة، والحد من انبعاثات الكربون، وتعزيز كفاءة الطاقة. بالإضافة إلى ذلك ، أولى حيدر علييف أهميةً خاصة لحماية التنوع البيولوجي والموارد الطبيعية في أذربيجان، داعيًا إلى المحافظة على البيئة واتباع ممارسات الإدارة المستدامة للأراضي. وقد أرسى نهجه الاستشرافي في سياسات المناخ الأساس لجهود أذربيجان المستمرة في مواجهة التحديات البيئية والمساهمة في مبادرات الاستدامة العالمية. في هذا اليوم المميز لابد من الاشادة بإرث حيدر علييف المشرّف والصداقة الدائمة بين أذربيجان والإمارات. حيث إنّ رؤية حيدر علييف وقيادته والتزامه الثابت ببناء الجسور بين الدول جعلته نموذجًا يحتذى به في القيادة.