بقلم: الأستاذ حسام هاشم – المستشار القانوني في مكتب سارة للمحاماة
أحدثت التعديلات الجديدة على قانون الأحوال الشخصية الإماراتي. الصادر بالقانون رقم 41 لسنة 2024. تحولات جوهرية تعكس تطور التشريعات الوطنية بما يتماشى مع احتياجات المجتمع وتوفير بيئة أكثر استقرارًا للأسرة. خاصة فيما يتعلق بحقوق المحضونين. وتسريع الإجراءات القضائية. وتعزيز مرونة التقاضي للمقيمين من الجنسيات المختلفة.
الحضانة: الأولوية لمصلحة المحضون
ركزت التعديلات على تحقيق المصلحة الفضلى للطفل من خلال رفع سن الحضانة إلى 18 عامًا وتوحيد السن لكلا الجنسين. وهو تغيير جذري مقارنة بالقانون السابق. الذي كان ينهي حضانة النساء للذكور عند سن 11 عامًا وللإناث عند سن 13 عامًا.
كما أعطى القانون الجديد المحكمة سلطة تقدير استمرار الحضانة للأم في حال اختلاف ديانتها عن ديانة الطفل. حيث كان القانون السابق ينهي حضانة الأم غير المسلمة عند بلوغ المحضون خمس سنوات. وهو تعديل يعكس توجّه المشرّع نحو تعزيز الاستقرار النفسي والاجتماعي للمحضون.

تسريع إجراءات التقاضي وتقليص أمد النزاعات
من أهم الإضافات التي أتى بها القانون الجديد منح القاضي المشرف صلاحية تقدير إحالة النزاع إلى مراكز الإصلاح والتوجيه الأسري أو الفصل فيه مباشرة. مما يساهم في توفير وقت القضاة وتسريع الإجراءات في الحالات التي تتطلب ذلك.
أما فيما يتعلق بفسخ عقد الزواج. فقد فرض المشرع مدة زمنية للتقاضي في حالات الشقاق والضرر. حيث نصت المادة 72 على أنه إذا لم يثبت الضرر. يتم رفض الدعوى. إلا أنه يحق للطرف المتضرر إعادة رفع الدعوى بعد أن يصبح الحكم باتًا أو بعد مرور ستة أشهر من صدور الحكم الابتدائي. أيهما أبعد. مما يضمن إعطاء فرصة للمصالحة أو إعادة النظر في النزاع.
مرونة التقاضي للمقيمين: خطوة نحو بيئة قانونية أكثر شمولية
نظرًا للطبيعة المتعددة الجنسيات للمقيمين في الإمارات. منح القانون الأجانب الحق في اختيار القانون الذي يحكم قضاياهم الأسرية. فبإمكانهم التقاضي وفقًا لأحكام قانون الأحوال الشخصية الإماراتي أو التمسك بتطبيق قانونهم الوطني. بل ذهب المشرع خطوة أبعد من ذلك. حيث أتاح لهم الاتفاق على تطبيق أي قانون آخر شريطة أن تجيزه التشريعات السارية في الدولة.
نقلة نوعية نحو استقرار الأسرة وتعزيز العدالة
تعكس هذه التعديلات توجّه الإمارات نحو ترسيخ نظام قضائي متطور ومرن يأخذ في الاعتبار احتياجات المجتمع المحلي والدولي. مع ضمان حقوق الأفراد وتوفير حلول قانونية تعزز الاستقرار الأسري والاجتماعي. ومع استمرار تطور التشريعات. تبقى الإمارات نموذجًا يحتذى به في تحديث القوانين بما يواكب المتغيرات المجتمعية والحقوقية.
وهذا النهج التشريعي المتقدّم يتماشى مع رؤية “عام المجتمع” التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. رئيس الدولة. حفظه الله. والتي تهدف إلى تعزيز التلاحم المجتمعي. وترسيخ قيم الترابط الأسري. وتوفير بيئة قانونية واجتماعية داعمة تسهم في بناء مجتمع أكثر استقرارًا وتماسكًا. فمع هذه التعديلات القانونية. تؤكد الإمارات التزامها بتطوير منظومة تشريعية متقدمة تضع الأسرة والمجتمع في صلب اهتماماتها. بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة والازدهار للجميع.