بقلم مزنة العتيبة، المدير العام لمجموعة محمد حارب العتيبة
دبي، الإمارات العربية المتحدة، 1نوفمبر 2024: في الأعوام الأخيرة، أصبح التوطين ركيزة أساسية في الأجندة الوطنية لدولة الإمارات، مساهماً في دفع الدولة نحو التحول إلى اقتصاد معرفي ومركز عالمي للأعمال. وبصفتي المدير العام لمجموعة محمد حارب العتيبة، إحدى أعرق وأقدم المجموعات التجارية في الدولة، فقد لمست عن قرب الأثر العميق الذي يتركه توظيف الكفاءات الوطنية على شركتنا وعلى الاقتصاد الوطني ككل.
ولطالما كانت الإمارات أرضاً للفرص، حيث تأسست على رؤية قيادية حكيمة وسياسات مستقبلية. ولكن القوة الحقيقية للوطن لا تكمن فقط في بنيته التحتية أو موارده، بل في تنمية كفاءات ومهارات مواطنيه. والتوطين ليس مجرد سياسة حكومية؛ بل هو إلتزام استراتيجي بتمكين المواطنين الإماراتيين ليكونوا جزءً فاعلاً في بناء مستقبل وطنهم، من خلال مساهمتهم المؤثرة في مختلف القطاعات.
وفي مجموعة محمد حارب العتيبة، نعتبر التوطين استثماراً طويل الأمد في مستقبل دولتنا، حيث يتعلق الأمر بتنمية المواهب المحلية وتزويد الإماراتيين بالمهارات والخبرات والقدرات القيادية اللازمة للنجاح في السوق العالمي التنافسي. ومن خلال توفير برامج تدريبية وهيكلية، نعمل على بناء الجيل القادم من القادة الإماراتيين الذين سيساهمون في دفع عجلة الابتكار وقيادة مجموعتنا نحو مستقبلٍ مشرق.
إن رؤيتنا في تطوير المواهب الإماراتية ترتكز على قناعة راسخة بأن المواطنين يجب أن يكون لهم دوراً ريادياً في صياغة المشهد الاقتصادي والتجاري. وهذه الرؤية تتناغم مع الجهود الحكومية المستمرة لتعزيز مشاركة المواطنين في القطاعين العام والخاص. وقد نجحنا في مضاعفة عدد الإماراتيين العاملين لدينا في عام 2024 مقارنةً بالعام السابق، ونسعى إلى مضاعفته مُجدداً بحلول عام 2025. حالياً، يشغل ستة مواطنين إماراتيين مناصب قيادية عليا في المجموعة، من بينهم نساء ورجال، مما يعزز إلتزامنا بتشكيل فريق قيادي متنوع وشامل.
ولا يمكن تجاهل الدور المهم للنساء في هذا الإطار. لطالما كانت النساء الإماراتيات جزءً لا يتجزأ من قصة نجاح الدولة، واليوم يشغلن مناصب قيادية في مختلف القطاعات، مسهمات بشكلٍ مباشر في نمو وإزدهار الإمارات. في مجموعة محمد حارب العتيبة، تمثل النساء 30% من المناصب القيادية، ونعمل بشكلٍ متواصل على تعزيز هذه النسبة من خلال خلق بيئة تُمكّنهن من الوصول إلى مراكز القيادة والتفوق فيها.
ومع ذلك، لا يقتصر التوطين على توظيف المواطنين فحسب، بل يتعداه إلى خلق مسارات مهنية هادفة تُمكّنهم من تطوير مهاراتهم وتحقيق طموحاتهم. ولهذا الغرض، أقمنا شراكات استراتيجية مع مؤسسات عالمية مثل KPMG وMercer و الجامعة الأمريكية بالقاهرة، لتزويد موظفينا بفرص التدريب والتطوير القيادي وبرامج تقييم المواهب. هذه المبادرات تهدف إلى تطوير القدرات الإماراتية على كافة المستويات، بدءً من المناصب المبتدئة وصولاً إلى الأدوار القيادية.
وعلى سبيل المثال، توفر برامجنا “النخبة” و”البداية” مسارات تطوير مخصصة للمواطنين، تُتيح لهم الانتقال من مراحلهم الأولى كمتخصصين إلى مناصب إدارية عبر التدريب والإرشاد. كما أطلقنا نسخة خاصة من برنامج “النخبة” لأصحاب الهمم، في إطار إلتزامنا بتوفير فرص متساوية للجميع ودعم الشمولية في بيئة العمل.
ونجاح التوطين لا يعتمد فقط على توفير الفرص، بل على ضمان أن تؤدي تلك الفرص إلى مسارات مهنية مثمرة. ويتطلب هذا النجاح تعاوناً وثيقاً بين القطاع الخاص والحكومة والمؤسسات التعليمية لخلق بيئة تُتيح للمواهب الإماراتية الإزدهار. وبصفتي أحد قادة هذا القطاع، أرى أن من واجبنا توفير بيئة تحتضن طموحات المحترفين الإماراتيين وتزويدهم بالأدوات التي تُمكّنهم من النجاح.