- أظهرت دراسة حديثة لإكبا وجود علامات جينية مرتبطة مع سمات معينة في الكينوا.
- ستساعد الدراسة في تعزيز برامج تربية الكينوا لتطوير أصناف عالية الإنتاجية ومبكرة النضج وخالية من المرارة.
دبي، الإمارات العربية المتحدة، 27 مايو، 2024: تتوفر حاليًا لمربي نبات الكينوا المعلومات الجينية للمحصول والتي ستساعدهم على تطوير أصناف الكينوا عالية الإنتاجية ومبكرة النضج وخالية من مرارة الطعم في وقت قياسي.
في دراسة أصدرت في مجلة Scientific Reports، حدّد خبراء من المركز الدولي للزراعة الملحية إكبا أجزاءً محددةً من الحمض النووي المرتبطة بسمات مختلفة، مثل أيام الازهار، ووزن البذور ومحتوى السابونين. ومن خلال وضع علامات على هذه الأجزاء الجينية، يستطيع مربيو الكينوا تسريع برامجهم وإنتاج أصناف معينة من الكينوا حسب السّمات المطلوبة.
تحظى الكينوا باهتمام عالمي بسبب قدرتها على التكيّف مع البيئات الهامشية وخصائصها الغذائية الاستثنائية. ولطالما أدرك إكبا أهمية الكينوا في النظم الزراعية، حيث تتحمل المياه المالحة التي تصل ملوحتها إلى ثلث ملوحة مياه البحر.
ومن أجل أن تكون الكينوا مجدية اقتصاديًا على نطاق عالمي، ولمساعدة المزارعين على زراعتها، يتعين على مربي الكينوا تطوير أصناف تمتاز بالصفات المرغوبة. ويشمل ذلك اختصار الوقت بين الزراعة والحصاد، وتقليل مرارة الطعم، وتحسين كفاءة استخدام المياه.
إن التوسع في تربية الكينوا يعدّ أمراً صعباً للغاية ويستغرق وقتاً طويلاً، ويعود جزءٌ من ذلك إلى الحجم الصغير للأزهار وطرق تكاثرها المعقدة. وقد سعى خبراء إكبا لإضافة المزيد من الأدوات إلى حزمة أدوات المربين ليتمكنوا بشكل ملحوظ من تقليل الوقت والتعقيد اللازمين لتربية الأصناف المحسنة.
ولإجراء هذه الدراسة، تعين على الباحثين الوصول إلى الأصول الوراثية المتنوعة للكينوا. فقد اختاروا 201 سلالة من بين 1000 سلالة محفوظة في بنك الجينات التابع لإكبا، وزرعوا هذه البذور ثم قاموا بتسجيل الخصائص التي يمكن ملاحظتها لكل نبتة في الحقل، مثل أيام الازهار بنسبة 50% وارتفاع النبات ومحتوى السابونين وإنتاجية البذور. كما حدّدوا التركيب الجيني لكل سلالة من خلال فحص تسلسل الحمض النووي الخاص بها. وقد مكّنت هذه العملية، أو التنميط الجيني، العلماء من تحديد الاختلافات الجينية، مثل تعدّد أشكال النيوكليوتيد الفردي الذي أتاح للعلماء تحديد ارتباطات السمات المميزة وهي خصائص وراثية مرتبطة بسمات محدّدة أو خصائص يمكن ملاحظتها.
ومن بين السمات التي تهم مربي الكينوا محتوى السابونين، وهو عبارة عن مركب كيمائي يعطي الكينوا طعماً مراً غير مرغوب فيه. وتمكّن العلماء من التأكد من أن ارتباط السمة المميزة لمحتوى السابونين يكمن في عدة كروموسومات وبشكل ثابت الكروموسوم B5. هذه المعلومات ستمكّن المربين من تطوير أصناف منخفضة السابونين من الكينوا، وهي الميزة التي يرغب بها المزارعون.
ثم حدّد الخبراء المناطق الجينية للكينوا. وتتراوح هذه المناطق في الحجم من عدد قليل من أزواج قواعد الحمض النووي إلى ملايين الأزواج الأساسية. وقد تحتوي على جينات أو عناصر تنظيمية أو تسلسلات الحمض النووي غير المشفرة أو عناصر وظيفية أخرى تلعب دوراً في بيولوجيا الكينوا. فعلى سبيل المثال، حدّد الخبراء منطقة جينية تعرف باسم ” qTGW1B.1″ وتحتوي على 14 جيناً تنظّم وزن الألف حبة. كما تم تحديد منطقة جينية أخرى تنظّم طول العنقود.
مع تحديد المناطق الجينية، يمكن للخبراء بعد ذلك تحديد الجينات المرشحة التي تتطلب المزيد من البحث والتحقق لتأكيد دورها في العملية البيولوجية أو الحالة محل الاهتمام.
ستساعد هذه الدراسة الاستثنائية مربي الكينوا على تطوير الأصناف المفضلة والتي سيعتمدها المزارعون على نطاق أوسع وتوفر لهم دخل أعلى. وبذلك سيتمكن المزارعون من الحصول مجاناً على أصناف الكينوا المحسَّنة التي تتسم بالإنتاجية المرتفعة وسرعة النضج وطعم أقل مرارة، بدلاً من الاعتماد على أصناف القطاع الخاص التي توصف غالباً بالتكيف غير الجيد مع المناطق الحارة نسبياً.
وفي هذا السياق قالت الدكتورة طريفة الزعابي، المدير العام للمركز الدولي للزراعة الملحية (إكبا): “تعد الكينوا محصولاً ممتازاً نظراً لخصائصها الفريدة ودورها الواعد في تعزيز الأمن الغذائي والتغذوي على مستوى العالم. ومن خلال ما يزيد عن 15 عاماً من البحوث والتطوير في محصول الكينوا، حظي إكبا بقدر كبير من المعرفة والخبرة لتطوير أصناف متكيفة مع الظروف المحلية في مختلف البلدان. حيث شمل عمل المركز في هذا المجال منهجيات وتقنيات متعددة بما في ذلك علم الجينوم لتربية أصناف من الكينوا بسمات معينة. ومنذ العام 2021، يلعب مختبر علوم الحياة الصحراوية في إكبا دوراً بارزاً في تحديد المناطق الجينية الرئيسية من خلال دراسات تسلسل الجينوم لما يزيد عن 200 سلالة من الكينوا. وتستخدم هذه المناطق الجينية حالياُ لتطوير أنماط من الكينوا خالية من المرارة (منخفضة السابونين) وسريعة النضج “.
ومن جانبه قال الدكتور راكيش كومار سينغ، مدير برنامج تنويع المحاصيل وتحسينها الوراثي في إكبا، وأحد المؤلفين الرئيسيين لهذه الورقة: “تمثل هذه الدّراسة خطوة متقدمة في أبحاث الكينوا، حيث تسلّط الضوء على الأساس الجيني للسمات الزراعية والكيميائية الحيوية، كما توفر الرؤى الجوهرية المكتسبة للدراسة سبلاً محتملة لتعزيز تربية الكينوا وممارسات زراعتها. فمن الانتقاء بمساعدة العلامات إلى فهم الآليات الوراثية واستكشاف الجينات المرشحة، تضع هذه النتائج أساساً متيناً للبحث والابتكار المستقبلي في تحسين الكينوا. وتساهم هذه الدراسة في دفع جهودنا المشتركة في مواجهة تحديات الأمن الغذائي وتعزيز الزراعة المستدامة”.
وقال الدكتور حفظ الرحمن، أحد العلماء في إكبا والمؤلف الرئيسي للدراسة: “تمثل هذه الدّراسة خطوة بارزة في سعينا للكشف عن الإمكانات الوراثية للكينوا. ومن خلال معرفة المناطق الجينية التي تحكم السمات الوراثية الرئيسية، فإننا نمهد الطريق لبرامج تربية أكثر كفاءة وممارسات زراعية مستدامة، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تعزيز الأمن الغذائي وسبل العيش في المناطق الهامشية المناسبة لزراعة الكينوا”.
نبذة عن المركز الدولي للزراعة الملحية (إكبا)
يمثل المركز الدولي للزراعة الملحية أحد مراكز البحوث المهمة في دولة الإمارات، للأبحاث الزراعية التطبيقية في العالم مع التركيز على المناطق الهامشية حيث يعيش ما يقدر بنحو 1.7 مليار شخص. فهو يحدد ويختبر ويقدم المحاصيل والتقنيات الموفرة للموارد والذكية مناخيًا والتي تناسب بشكل أفضل المناطق المختلفة المتأثرة بالملوحة وندرة المياه والجفاف. ومن خلال عمله، يساعد إكبا على تحسين الأمن الغذائي وسبل العيش لبعض المجتمعات الريفية الأكثر فقرًا حول العالم.