كراكوف – د.جمال المجايدة :أمضيت قرابة ثلاثة ساعات في اورقة متحف تشارتوريسكي الذي يعتبر من أقدم المتاحف التاريخية في مدينة كراكوف البولندية , فقد تمّ افتتاحه عام 1878م، ويضم مجموعة من الأعمال الفنية التي تعود لفنانين محليين وعالميين، كما يحتوي المتحف على العديد من المنحوتات والزخارف الشهيرة التي تعود لعصر النهضة. لذلك فانه يُعد كنزًا فنيًا وتاريخيًا ينقلنا إلى عالم الماضي الجميل،
غير ان مصدر سعادتي هو أنني شاهدت اللوحة الاغلى ثمناً في العالم اليوم , وهي لوحة (السيدة والقاقوم) التي رسمها الفنان العبقري ليوناردو دافنشي , ويقدر ثمن هذه اللوحة بحوالي نصف مليار دولار , لذا فهي من أشهر وأهم اللوحات الموجودة في هذا المتحف،
المرشدة السياحية ابلغتني ان لوحة ليوناردو دا فينشي تعرف باسم «داما كون ليرميلينو» اي (السيدة والقاقوم) وهي اللوحة التي سرقها النازيون من بولندا حيث تم استرجاعها بواسطة القوات الامريكية في نهاية الحرب العالمية الثانية .
لقد توقفت طويلاً امام هذه اللوحة التي تمثل على الأرجح تشيتشيليا غاليراني، عشيقة لودوفيك سفورزا، دوق ميلانو واللوحة ملك لمتحف أمراء تشارتوريسكي في كراكوف جنوب بولندا.
وهي من اللوحات الأربع المعروفة التي تجسد نساء رسمهن ليوناردو دا فينشي أي “الموناليزا» و”جينيفارا دي بينشي» و»لا بيل فيرونيير».
وحسب وزارة الثقافة البولندية فان لوحة (السيدة والقاقوم) تعد أبرز لوحة في بولندا وهي من مقتنيات الأمير آدم كارول تشارتوريسكي مدير المؤسسة التي تحمل اسمه وتملك اللوحة.
وكانت عائلة تشارتوريسكي قد حصلت قرابة العام 1800 على هذه اللوحة الخشبية البالغة 54 سنتمترا طولاً و39 عرضاً والتي رسمها ليوناردو دا فينشي ما بين العامين 1488 و 1490.
اللوحة الأغلى في العالم
هي لوحة زيتية رسمت بريشة الفنان الإيطالي ليوناردو دا فينشي عام 1490 وهي واحدة من كنوز بولندا القومية، صور فيها فتاة بسيطة تحمل بين يديها حيوان القاقوم.
موضوع اللوحة سيسيليا غالراني وهي فتاة من عائلة كبيرة لكنها ليست غنية أو نبيلة وكانت في السادسة عشرة من عمرها عندما رسمت هذه اللوحة لها فهي مشهورة بجمالها واطلالتها وشعرها، وهذه اللوحة هي واحدة من أربع لوحات فقط رسمها ليوناردو دا فينشي لنساء.
رسمت اللوحة بالألوان الزيتية على لوح رقيق من خشب الجوز كما أنها محضرة بطبقة من الجيسو الأبيض وطبقة من البطانة باللون البني الداكن، وكانت الألوان الزيتية جديدة نسبياً في إيطاليا في ذلك الوقت.
تظهر في اللوحة امرأة بنصف قامة يستدير جسدها بزاوية ثلاث أرباع إلى جهة اليمين لكن وجهها مستدير إلى جهة اليسار، ونظرتها ليست إلى جهة المشاهد بل إلى جهة أخرى وكأنها تنظر إلى متحدث غير مرئي.
وتمسك بحيوان صغير بكساء أبيض من فصيلة ابن عرس معروفة باسم القاقوم وكان رمز تقليدي للنقاء في ذاك الوقت بسبب فروه الأبيض الناصع، ويبدو فستانها بسيط يوحي بأنها ليست امرأة نبيلة كما أن شعرها مثبت بشريط ناعم من الشاش وشريط أسود على وجهها وضفيرة طويلة في الظهر.
كما في العديد من لوحاته فالشخصية المرسومة بوضعية الثلاثة أرباع وهي واحدة من ابتكاراته العديدة، كما أن هذا العمل يظهر على وجه الخصوص خبرته في رسم الشكل البشري حيث رسم يد الفتاة بتفاصيل رائعة مع كل منحنى لكل ظفر وكل تجعد حول مفاصلها وحتى ثنية الوتر في إصبعها المنحني.
فنون عصر النهضة
إجمالاً فقد خلّف العديد من الفنانين بصماتهم على اللوحات الفنية التي تفنّنوا في عملها، وفي هذا المتحف شاهدنا مجموعة من اللوحات الفنية الشهيرة التي تستحق الاستكشاف، بما في ذلك أعمال فنية متنوعة لأهم الرسّامين حيث يتم التعرف على بعض أشكال الفنون على مرّ القرون السابقة، واستكشاف الفنون التي تعود للقرن 19.ويعرض هذا المتحف مزيجاً من الفنون التي برع بها روّاد الفن من مختلف قارات العالم، ومن بينها أعمال فنية تعكس تاريخ الفنون في أوروبا.
تشمل النقاط البارزة الأخرى عملين للفنان الشهير رامبرانت ؛ العديد من الآثار ، بما في ذلك المنحوتات ؛ نهضة المفروشات و الفنون الزخرفية . ولوحات لهانس هولباين الأصغر ، وجاكوب جوردان ، ولوكا جيوردانو ، وبيتر بروغيل الأصغر ، وديريك بوتس ، وجوس فان كليف ، ولورينزو لوتو ، ولوكاس كراناتش الأصغر ، ولورينزو موناكو ، وأندريا مانتيجنا، أليساندرو ماجناسكو ، وسيد أنصاف أطوال الإناث .
نبذه تاريخية
أسست الأميرة إيزابيلا تشارتوريسكي المتحف في بولاوي للحفاظ على التراث البولندي تماشياً مع شعارها “الماضي إلى المستقبل”. كانت الأشياء الأولى في “معبد الذاكرة” الخاص بها عام 1796 عبارة عن جوائز تذكارية لإحياء ذكرى الانتصار على الأتراك في معركة فيينا عام 1683.
ويتميز هذا المتحف بالتصميمات الداخلية الغنية المزينة باللوحات الجدارية والزخارف كخلفية مثالية للمجموعات الفريدة الموجودة والمحفوظة في الداخل. حيث يمكن مشاهدة المجموعات الفنية البولندية للقرن العشرين، والفن الزخرفي، بالإضافة إلى مجموعة من العروض المتغيرة ذات المعايير الدولية.
تعرض مجموعات المتحف قطعًا أثرية تاريخية من الكنوز المستردة في كاتدرائية فافل والقلعة الملكية وغيرها من الأشياء التي تبرعت بها العائلات النبيلة البولندية ( سزلاشتا ).
خلال التجوال في المتحف قمنا برحلة حقيقية إلى عالم الأرستقراطية في القرن التاسع عشر. حيث سمعنا من المرشدة السياحية قصة عائلة رائعة قدمت لكراكوف مجموعة فريدة من الأعمال الفنية العالمية. في قاعة عائلة تشارتوريسكي يتم ايضا التعرف الى حياة الأرستقراطي البولندي ، وتفحص الصور ، والأزياء الاحتفالية ، والمجوهرات الماسية ، والملابس والنياشين العسكرية ، والأسلحة الاحتفالية. مع نظرة فاحصة أيضًا على القاعات المخصصة للعائلات الملكية في بولندا ، وخاصة المتعلقات الشخصية للملوك والأشياء الفنية التي تخصهم. وفي غرفة بها خزف ميسين الفاخر ، والذي تم استخدامه أثناء الولائم ، يستطيع المشاهد ان يتخيل كيف كان شكل الاحتفالات والمأكولات في القرن الثامن عشر .