دبي، الإمارات العربية المتحدة —
أطلقت شركة زيورخ العالمية للحياة في الشرق الأوسط استبياناً تفصيلياً بالتعاون مع شركة الأبحاث ريديوس إنسايتس حول مستقبل العمل في دولة الإمارات. ويأتي إطلاق هذا الاستبيان بالتزامن مع التغييرات الكبيرة التي يشهدها سوق العمل في الشرق الأوسط، ولا سيما في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، حيث شهد العام الماضي وحده تغيير 1 من أصل 4 موظفين لمكان عملهم. وفي ظل هذه التغيرات، تحتاج الشركات للتركيز على كيفية الاحتفاظ بالمواهب والكفاءات. وأظهرت النتائج الأهمية الكبيرة لباقة مزايا الموظفين في المساهمة بالاحتفاظ بالمواهب والقدرة على جذب المزيد من الكفاءات في منطقة الشرق الأوسط.
أجرت زيورخ الاستبيان خلال يوليو وأغسطس 2023، وتضمن استطلاع آراء 2507 مشارك من دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية، من بينهم 1255 منهم موظف و1252 من أصحاب العمل. ويلقي الاستبيان الضوء على التطورات الأساسية التي ظهرت في سوق العمل في المنطقة خلال العام الماضي ومن بينها ندرة المواهب والمزايا التي يحصل عليها الموظفون والثقافة السائدة في أماكن العمل.
العوامل التي تدفع لتغيير مكان العمل
أظهر الاستبيان أن قرابة 25% من العاملين في دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية غيّروا وظائفهم وأماكن عملهم خلال العام الماضي. وتتنوع الدوافع بين السعي للحصول على أجر أفضل أو مزايا محسّنة أو على فرص أفضل للتطور الوظيفي. ويحقق هذا التوجه المزيد من الزخم، حيث أكد غالبية الموظفين عزمهم استكشاف المزيد من الفرص في المستقبل القريب خلال 12 إلى 18 شهراً القادم. وأظهرت النتائج من المملكة العربية السعودية أن 78% من الموظفين يدرسون تغيير شركتهم، في حين بلغت هذه النسبة في دولة الإمارات 74%. ومن اللافت في نتائج الاستبيان، أن الموظفات، والموظفين من الفئة العمرية الأصغر بين 25-34 عاماً هم الأكثر استعداداً لاستكشاف فرص وظيفية جديدة.
وأشار أصحاب الشركات إلى ضرورة تحلي شركاتهم بالمزيد من المرونة لجذب المواهب والاحتفاظ بها. كما أشار الاستبيان إلى العديد من الجوانب الهامة الأخرى مثل أهمية التنوع في القوى العاملة، ومعالجة مشاكل تفاوت الأجور في السوق. وأشار الاستبيان إلى مساهمة دولة الإمارات في تطوير سوق العمل لتعزيز مكانتها كوجهة مفضلة للمواهب العالمية من خلال حث الجهود على اتخاذ خطوات جدية، وتطبيق استراتيجية واضحة للاحتفاظ بالمواهب. ومن بعض الإصلاحات الملحوظة التي تم اعتمادها نظام مكافآت نهاية الخدمة لموظفي القطاع الخاص، والتأمين ضد البطالة، وفئات جديدة من الإجازات.
أزمة ندرة المواهب تلوح في الأفق لعدم رضا الموظفين عن المزايا المقدمة لهم
تعمل كل من دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية على التغلب على النقص الواضح في المواهب والقدرات البشرية، حيث يمثل هذا النقص 24% و 30% على الترتيب. ويظهر هذا النقص واضحاً في قطاعي العمليات التشغيلية والخدمات اللوجستية في البلدين، ومع مرور الوقت يزداد إدراك أصحاب العمل للتأثير السلبي الوشيك لهذا النقص على عملياتهم. وتزيد قوانين التوطين الجديدة في القطاع الخاص من تعقيد عملية اكتساب المواهب، مما يؤثر على قدرة أصحاب العمل على العثور على المواهب المناسبة.
أما من ناحية مزايا الموظفين، أوضح الاستبيان وجود فجوة واضحة بين ما يقدمه أصحاب العمل حالياً وما يرغب الموظفون في الحصول عليه؛ حيث أعرب أكثر من ثلث الموظفين المشاركين في الاستبيان من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية عن عدم رضاهم عن المزايا التي يحصلون عليها حالياً خاصة خيارات الادخار والتأمين على الحياة، وتغطية الأمراض الخطيرة، وبدل تعليم الأطفال، والفرص التي تزيد من معرفتهم بقضايا الرفاه المالي.
نحو فهم أعمق لأولويات الموظفين
تمثل باقة المزايا المقدمة للموظفين محوراً هاماً لجهود الاحتفاظ بالمهارات وتطوير علاقات طويلة الأمد بين الموظفين وأصحاب الشركات، حيث يشير 9 من أصل 10 موظفين أن هذه الباقة تمثل ركناً أساسياً في تفضيل مكان العمل وقد تفوق في بعض الأحيان أهمية الأجر المقدم.
وفي تعليقها حول هذه النتائج، قالت سوارناليكا شيتي فياس، رئيسة المبيعات والتوزيع لدى زيورخ العالمية للحياة: “مع التغيير المستمر في سوق العمل، يتطلب الاحتفاظ بالموظفين التركيز على جوانب أخرى بخلاف الأجر المادي، ومن بينها تطبيق القيم المهمة للموظفين وتوفير ثقافة عمل مغرية تولي أهمية لراحة الموظف ورفاهيته وتنفيذ خطط الحوافز طويلة الأمد”. وأكدت فياس على أهمية رفاهية الموظفين المالية والثقة بين الموظفين، والحاجة إلى بذل جهود مشتركة لرسم ملامح واعدة لمستقبل بيئة العمل.
أهمية المزايا المقدمة للموظفين
يؤكد الاستبيان على الدور المحوري لباقة مزايا الموظفين في اجتذاب المزيد من المهارات والكفاءات والحفاظ عليها، حيث عبّرت الغالبية العظمى بنسبة 84% من الموظفين المشاركين من دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية أنهم سيسعون لتغيير مكان عملهم بحثاً عن وظيفة جديدة بنفس الأجر ولكنها تقدم باقة مزايا أفضل للموظفين. وهنا يأتي دور أصحاب الشركات في التكيّف مع هذه المتغيّرات في سوق العمل من خلال مراجعة باقة المزايا المقدمة للموظفين للتعامل مع المتطلبات المهمة التي يبحث عنها الموظفون في أماكن العمل.
بدوره، قال آدم واترسون، المسؤول التنفيذي الأول لدى شركة زيورخ وورك بليس سوليوشنز: “ندرك أن المزايا التي يحصل عليها الموظفون تشكل أولوية قصوى، وتتطور هذه الأولوية بسرعة مما دفع أصحاب العمل إلى البحث عن نهج شامل للاحتفاظ بالمواهب، مثل تضمين خيارات الادخار والمعاشات التقاعدية في باقة المزايا التي تقدمها الشركة للموظف. وستلعب مكافآت نهاية الخدمة دوراً محورياً في جذب المواهب من الأسواق الدولية وتعزيز الاستقرار المالي. في حين دفعت الأزمة الصحية العالمية أصحاب العمل والموظفين إلى إعادة التفكير في الأولويات ومنحت أصحاب العمل المزيد من المرونة للتفكير في سياسات توظيف تقدم منفعة متبادلة.”
وأهم ما توصل إليه الاستبيان حول سوق العمل في دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية هو التحول الملحوظ في كيفية تحفيز الموظفين، حيث يتفوق تقديم مزايا محسنة للموظفين في أهميته على الأجور التنافسية كمحرك رئيسي لجذب المواهب والاحتفاظ بها. وبناء عليه، يجب على أصحاب العمل إعادة تقييم باقة المزايا التي يقدمونها للموظفين وتحسينها بشكل استباقي، مع التركيز على الجوانب المهمة مثل برامج التوفير والتأمين على الحياة، وتغطية الأمراض الخطيرة، وبدل تعليم الأطفال، وتثقيف الموظفين حول الرفاهية المالية. حيث يسهم هذا التحول الجذري في تعزيز مكانة الشركات كوجهات جاذبة للمواهب، ويضمن علاقة دائمة ومثمرة بين الشركات والموظفين في سوق عمل شديد التنافسية.