أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة: أعلنت مبادرة “ما بعد 2020” الإنسانية التي أطلقتها دولة الإمارات عن توسيع نطاق عملها بإطلاق أول مشاريعها في منطقة أمريكا الجنوبية. وقد شمل المشروع تدريب نحو 2000 شخص على تشغيل نظام غذائي مائي تم تركيبه مؤخراً في مقاطعة “ياريناكوشا” بمنطقة أوكايالي بالبيرو، والذي من شأنه المساهمة في تحسين الأمن الغذائي بصورة كبيرة لأكثر من 5000 آلاف شخص من السكان الأصليين، إلى جانب الحفاظ على التنوع الحيوي الغني للمنطقة.
وقد قامت مبادرة “ما بعد 2020” بتعيين INMED Partnerships for Children، وهي منظمة إنسانية دولية غير ربحية معنيّة بالتنمية وكانت ضمن المرشحين النهائيين للحصول على جائزة زايد للاستدامة عام 2020 عن فئة الغذاء، من أجل تأسيس نظامها الغذائي المائي التجاري (نموذج مشروع النظام الغذائي المائي الاجتماعي)، وذلك ضمن حرم “مركز التميّز للمعهد التربوي العالي ثنائي اللغة في ياريناكوتشا”، أكبر معهد لتدريب المعلمين من السكان الأصليين في البيرو.
وقال سعادة محمد عبد الله علي خاطر الشامسي، سفير دولة الإمارات لدى البيرو: “يسهم مشروع مبادرة ’ما بعد 2020‘ بالبيرو في تزويد السكان الأصليين ضمن منطقة يوكايالي بحل مستدام ومتكامل يجمع بين الطاقة النظيفة وإنتاج الغذاء والمياه، ويوفر منافع اجتماعية واقتصادية طويلة الأمد من خلال التركيز على تعزيز تبادل المعرفة والتدريب بغرض تزويد المجتمع المحلي بالمهارات والمعارف اللازمة من أجل المضي قدماً في تحقيق التنمية الاقتصادية. هذا ويلعب المشروع دوراً في مواجهة التغير المناخي، ليس فقط من حيث توفير هذا الحل المبتكر وحسب، ولكن أيضاً عبر رفع مستوى التوعية ضمن المجتمع حول أهمية النظم الغذائية المائية للحد من التأثيرات السلبية للتغير المناخي على السكان الأصليين وغيرهم”.
ويجمع النظام الغذائي المائي ما بين تربية واستزراع الأسماك (ما يُعرف بالزراعة المائية) من جهة، وزراعة وإنتاج الخضراوات فوق الماء من جهة أخرى، وذلك عبر نظام تدوير مغلق يقوم بإنتاج الخضراوات العضوية بمعدل إنتاج أعلى بـ 10 مرات من أساليب إنتاج المحاصيل التقليدية، مع استهلاك معدل مياه أقل بنسبة 90% وكمية طاقة أقل بنسبة 75% من طرق الزراعة الآلية التقليدية.
ويقوم المركز بإنتاج الأغذية الطازجة على مدار العام، ويتسم بالمرونة المناخية وإمكانية التكيف مع مختلف المساحات. وسوف يوفر إنتاج المركز الغذاء للمدرسة الابتدائية المحلية والمجتمع المحيط بها، ما يسهم في تعزيز القيمة الغذائية ضمن الوجبات المدرسية وتنوع النظام الغذائي للطلبة. ويعتبر هذا أول نظام غذائي مائي في منطقة الأمازون البيروفية، وأول منشأة تعتمد بشكل كامل على الطاقة الشمسية في المنطقة.
ويقوم المركز أيضاً بتنظيم ورش عمل وجلسات تدريبية فنيّة لمساعدة الطلاب المحليين والمدرسين المتدربين والمعلّمين التربويين والباحثين ومختلف أفراد المجتمع على اكتساب المهارات الفنية اللازمة.
ويأتي هذا الحل كجزء من المساعي الرامية إلى دعم السكان الأصليين المحليين في المناطق النائية ضمن منطقة أوكايالي الذين يعانون من معدلات عالية من انعدام الأمن الغذائي الناجم عن تآكل التربة وإزالة الغابات بفعل الأنشطة البشرية.
وقد ساهمت جائحة كوفيد -19 في تفاقم هذه المشكلات، كما أثر إغلاق المدارس المستمر على برامج التغذية المدرسية وزاد من مشكلة الجوع لدى البعض. وكما هو الحال في مناطق أخرى من العالم، سلّطت الجائحة الضوء على الحاجة إلى أنظمة إنتاج غذائي مرنة قادرة على التكيف من الظروف المتغيرة من أجل تعزيز انتاجيتها.
من جهته، قال سعادة محمد سيف السويدي، المدير العام لصندوق أبوظبي للتنمية: “يفخر صندوق أبوظبي للتنمية بالشراكة مع مبادرة ’ما بعد 2020‘ التي تدعم جهود البلدان النامية لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة. وقد استطعنا من خلال هذا المشروع توفير حل مستدام ومتطور يساعد مجتمعات السكان الأصليين في البيرو على الحد من انعدام الأمن الغذائي. لقد استطاعت البيرو تحقيق تقدم ملحوظ في السنوات الأخيرة فيما يخص تحسين الأمن الغذائي على مستوى الدولة، لكن ما زالت المجتمعات في المناطق النائية تعتبر الأكثر عرضة لمخاطر تدهور الأمن الغذائي والتحديات المتعلقة بتعزيز القيمة الغذائية. ويمثل تركيب النظام الغذائي المائي في منطقة يوكايالي خطوة مهمة تدعم تحقيق أهداف البيرو للتنمية المستدامة الشاملة، وإننا نتطلع إلى أن يتخطى تأثير هذا المركز حدود المجتمع المحلي في السنوات المقبلة”.
وتتعرض منطقة الأمازون البيروفية إلى إزالة الغابات بشكل متسارع بسبب تغير المناخ وعمليات قطع الأشجار للحصول على الأخشاب، ومشاريع النفط، وتربية الماشية. وقد تم تحويل جزء كبير من الأرض من غابات مطيرة إلى أراضٍ عشبية، كما نفدت الأسماك من نهر أوكايالي، بينما تضاءل عدد أشجار الفاكهة الصالحة للنمو. وغالباً ما يفضل شباب المنطقة الآن التوجه للعيش في المناطق الحضرية بحثاً عن فرص تعليم وتوظيف أفضل.
وتساهم مبادرة “ما بعد 2020” الآن في مساعدة أكثر من 2000 معلم وطالب وطفل وعائلة يعيشون بالقرب من النظام الغذائي المائي من خلال توفير فرص التعليم والتدريب والمشاركة في سلسلة القيمة للإنتاج والاستهلاك الخاصة بالنظام الغذائي المائي. وسوف يتوسع نطاق تأثير المبادرة ليشمل بشكل غير مباشر 3000 مستفيد إضافي. وتضم مبادرة “ما بعد 2020” العديد من الشركاء الرواد، من ضمنهم صندوق أبوظبي للتنمية، ومبادلة للطاقة، وشركة “مصدر”.
وقامت “مبادرة ما بعد 2020” حتى الآن بتنفيذ 12 مشروعاً قدمت حلولاً ناجعة في مجالات الطاقة والصحة والمياه والغذاء، في كل من نيبال وتنزانيا وأوغندا والأردن ومصر وكمبوديا ومدغشقر وإندونيسيا وبنغلاديش والفلبين ورواندا. وبالإضافة إلى البيرو، فقد تم تحديد 9 دول أخرى سيتم تنفيذ مشاريع ضمنها في المراحل المقبلة.