يمكن لبيئة المكتب المرنة التوافق بشكل أفضل مع احتياجات الموظفين وأهداف العمل
بقلم:عمر الصاوي ، مدير منطقة المملكه العربيه السعوديه و مصر و بلاد الشام في شركة “باركو”
أصبح واضحاً – بعد جائحة “كوفيد-19”- رغبة معظم الموظفيّن في المنطقة العمل ضمن بيئات عمل هجينة أو العمل عن بعد بدوام كامل. ويتردّد اليوم صدى تلك الإرادة لدى العاملين في مختلف القطاعات، بما فيها قطاع التمويل والبنوك.
ولكن عندما بدأت الشركات التفكير في العودة إلى المكاتب في وقت سابق من هذا الصيف، بدا أن معظم الموظفين في القطاع المالي والمصرفي قد عادوا إلى العادات القديمة والتواجد مجدداً داخل المكاتب.
وبدفع من الجائحة وضيق سوق العمل، ازدادت في الأشهر الأخيرة مطالب الموظفين بمزيد من المرونة في العمل، حتى مع عودة العالم إلى الانفتاح مرة أخرى. وقد أظهر بنك “ستاندرد تشارترد” بُعد نظر من خلال التزامه بمواصلة تقديم عمل مرن دائم لموظفيه منذ يناير 2021. وبدأت تلك المبادرة في تسعة من أسواقه الأساسية، بما فيها الإمارات العربية المتحدة.
وتعاون البنك مع مزوّد خدمات مساحات العمل المرنة IWG لتمكين موظفيه في جميع أنحاء العالم من العمل من أي موقع من مواقع IWG البالغ عددها 3500 موقعًا حول العالم. كما اعتمد بنك “إتش إس بي سي” رسميًا العمل الهجين فيما يطمح البنك خفض مساحة المكاتب بنسبة 40%. في المقابل، أعلن بنك “باركليز” سعيه إلى زيادة عدد الموظفين العائدين إلى مكاتبه في لندن ونيويورك.
ومن الواضح أن عددًا قليلاً فقط من المؤسسات داخل القطاع المالي تدرك اليوم مخاطر العمل بنهج “مقاس واحد يناسب الجميع”، خصوصاً وأن عدد كبير من الموظفين يرغبون في الاحتفاظ بالمرونة التي كانوا يتمتعون بها أثناء تفشي الوباء.
ومن تغيّر توجّه القوى العاملة نحو العمل الهجين، نجد أن المكتب لا يزال مجهزًا لطرق العمل القديمة، بالرغم من تشكّل نموذج جديد لطبيعة العمل بعد المستجدات الأخيرة، وعلى الشركات في القطاع المالي مواكبة توقعات الموظفين.
تجديد المكتب: حاجة متزايدة
من المحتمل أن يكون أي شخص دخل مكتبًا منذ أوائل عام 2020 قد عانى من الصمت المخيف في المكاتب والمقصورات الفارغة، وربما لم يبقى في ذاكرته سوى مشهد زملاء العمل وهم يتدافعون للبحث عن أماكن اجتماعاتهم المفضّلة أو وهم يتجمعّون حول أحد الحواسيب المحمولة.
ومنذ ظهور العمل عن بعد، شهد الكثير منا زيادة كبيرة في الإنتاجية، ولكن انخفضت، في المقابل، جودة تفاعلاتنا كبشر بشكل كبير. ونتيجة لذلك، فشلت اجتماعات العمل في تلبية التوقعات. وتظهر دراسة حديثة أجرتها شركة “باركو” Barco انخفاضًا بمقدار 25 نقطة بين عامي 2020 و2021 في مقياس جودة الاجتماعات. وأشارت نتائج الدراسة كذلك إلى أن 57% من موظفي المكاتب يعتبرون غرف الاجتماعات أكثر الأماكن فائدة في عالم ما بعد الجائحة. لذلك، لم يعد الموظفون ينظرون إلى المكتب على أنه مجرد مكان للعمل، بل يعتقدون أنه أصبح مساحة مشجّعة للمزيد من التعاون فيما بينهم.
وفي هذا الواقع، قد تأتي فرصة إعادة تنظيم المساحات المكتبية بمثابة صدمة لصناعة اعتادت منذ فترة طويلة على تخطيط صفوف المكاتب التقليدية. مع ذلك، ونظرًا لأن المهنيين يرغبون بشدة في الحصول على مساحات لاجتماعاتهم، فلن يكون هنالك غنى عن تلك المساحات. وفي الوقت الراهن، يزور 50% من الموظفين مكاتبهم لاستضافة مكالمات اجتماعات في بيئة أكثر احترافية، ما يشير إلى أن عقد اجتماعات فعّالة ستكون الدافع الحقيقي للعودة إلى المكتب. لذلك، فإن استيعاب تلك السلوكيات الجديدة يجب أن تكون أولوية بالنسبة للقطاع المالي والمصرفي.
الاستفادة من التكنولوجيا الهجينة
لن يكون تخطيط المكتب المحسّن هو التغيير الوحيد المطلوب لخلق بيئة عمل هجين ناجحة. فهناك فرصة كبيرة للشركات لترقية تقنيات التعاون القديمة أو غير الفعّالة.
وكباقي الصناعات الأخرى، تبنّى موظفو القطاع المالي الحاسوب المحمول باعتباره الجهاز الرئيسي للعمل والتعاون واستضافة الاجتماعات، وهو ما أدى إلى زيادة تفضيل حلول “اجلب اجتماعك الخاص” BYOM. حيث تشير دراسة شركة “باركو” Barco إلى أن 77% من المستطلعة آرائهم لا يمكنهم تخّيل العمل بدون حاسوبهم المحمول الخاص وأنهم استمتعوا بمشاركة الشاشة والمحتوى بمجرّد نقرة بسيطة.
ومع إمكانية التحكّم في الاجتماعات عبر الحاسوب المحمول اليوم، فقد أصبح ضرورياً أن تستثمر الشركات في الحلول التي تضمن استمرار عمليات الاتصال السلسة. ولتحقيق هذه الغاية، تتيح الحلول غير المحددة مثل “كليك شير” ClickShare من “باركو” للعاملين الاتصال والتعاون بغض النظر إن كانت منصة الاجتماعات المستخدمة هي “ويبكس” من “سيسكو” أو “زووم” أو مايكروسوفت تيمز” أو غيرها.
بالإضافة إلى ذلك، فمن غير المرجّح أن تكون العودة إلى المكاتب فورية أو جماعية، بالرغم من دعوات بعض الجهات في القطاع المالي والمصرفي للقيام بذلك. وسيستمر العديد من الموظفين في العمل من منازلهم بشكل دوري أو دائم. لذا يتوجب على الشركات التأكد من أن غرف اجتماعاتها مجهزّة جيدًا للاجتماعات الهجينة. ومن الضروري تنصيب حلول ClickShare والحلول المماثلة مع معدات سمعية وبصرية محدّثة لتنفيذ بيئة العمل التعاوني.
أمن شامل
وفي حين أن الأمن مهّم في أي صناعة، فإن طبيعة العمل المالي الحساسّة والقائمة على البيانات تجعل من المسائل الأمنية أمراً بالغ الأهمية. ففي بداية انتشار الوباء، ازدادت حالات اختراق منصات المؤتمرات والهجمات الإلكترونية من قبل المتسللين. ومع توقع استمرار الاجتماعات بطرق هجينة، فمن الضروري أن تكون أي تقنية مستقبلية يتم الاستثمار فيها آمنة، لا سيما في حال استخدام حلول غير تقليدية تربط الحاسوب المحمول الخاص بالمستخدم بمعدات غرف الاجتماعات. ولتحقيق ذلك، يجب على القطاع المالي بداية إعطاء الأولوية للاستثمار في الحلول التي تدمج ميزات الأمن في تصميم المنتج بشكل مباشر.
وأما المسؤولية الرئيسية الأخرى فتقع على الشركة من خلال تعليم الموظفين. حيث إن ضمان إدراك العمال جيدًا للمخاطر المحتملة والاحتياطات اللازم اتخاذها عند استخدام جهاز جديد هو أمر بالغ الأهمية.
وكباقي القطاعات، لا يزال القطاع المالي يتعلم كيفية تشكيل مستقبل عمل يلبي احتياجات وتفضيلات موظفيه. ومع زيادة تبني القطاع المالي للعمل الهجين، فإنه يخلق الكثير من الفرص للقضاء على ثغرات عالم ما قبل الجائحة، ويعيد بالتالي تصوّر كل شيء من تكنولوجيا العمل وحتى المساحات المكتبية