الدوحة ، قطر — عندما اجتمع المئات من المبتكرين العرب الشباب في الدوحة هذا الأسبوع لتقييم أدائهم وحجز أماكنهم ضمن أفضل سبعة مبتكرين في الموسم الرابع عشر لبرنامج نجوم العلوم التابع لمؤسسة قطر، كان للذكاء الاصطناعي تواجد كبير وملحوظ بين الأفكار المقدمة من المرشحين.
تضمنت مرحلة تقييم الأداء لهذا الموسم والتي أقيمت في واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا، عضو مؤسسة قطر، مجموعة واسعة من الأفكار التي تمتد من الرعاية الصحية والتعليم إلى الاستدامة البيئية والسلامة في مكان العمل، وكانت موضوعات التعلم الآلي، والتعرف على الكلام، والأنظمة التخصصية، حاضرة خلال مرحلة تقييم الأداء لهذا العام.
يعكس الاستخدام المكثف للذكاء الاصطناعي اتجاهًا سريع النمو في جميع أنحاء العالم، وخاصة في العالم العربي، ووفقًا لتقرير نشرته “إيكونوميست إمباكت”، و “جوجل” تحت عنوان “المضي قدماً: مستقبل الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا” ، تشير التقديرات إلى أن القيمة المضافة لبرامج الذكاء الاصطناعي في المنطقة ستقدر بنحو 320 مليار دولار بحلول عام 2030.
وبعد عودته للمشاركة في نسخة العام الحالي من برنامج نجوم العلوم بصفته خبيرًا في مجال الذكاء الاصطناعي، يقول الدكتور أحمد المقرمد، المدير التنفيذي لمعهد قطر لبحوث الحوسبة التابع لجامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر: “إننا نشهد عصرًا ذهبيًا للبحوث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي في العالم العربي، فالاستراتيجيات الوطنية الطموحة والمبالغ الهائلة المستثمرة في هذا المجال، دليل قوي على التوجه السريع لدول المنطقة نحو تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي والفرص غير المحدودة التي تزخر بها”.
ومع ذلك، في الوقت الذي أظهرت فيه المنطقة التزامًا عميقًا في رسم مستقبلها بمجالات الذكاء الاصطناعي، فإن الخطاب العالمي المتعلق بدراسة هذا المجال غالبًا ما يستبعد وجهات النظر العربية، وذلك وفقاً لما ذكره مشروع السرديات العالمية للذكاء الاصطناعي، وهو تعاون بين العديد من الباحثين بمركز “ليفرهيوم” لمستقبل الذكاء الاصطناعي بجامعة كامبريدج.
وتعليقاً على هذا الأمر، يقول الدكتور أحمد: “من الواضح أننا في العالم العربي ممثلون بشكل لا يتناسب مع قدراتنا في المناقشات الجارية حول الذكاء الاصطناعي، وذلك ما يلحظه الأشخاص الذين يتعاملون ببراعة مع التكنولوجيا وتطبيقاتها المختلفة في منطقتنا، حيث تغفل السرديات العالمية المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي في كثير من الأحيان عن مخاوفنا واحتياجاتنا وأفكارنا، ولذلك ينبغي علينا العمل بجدية أكبر للتغلب على هذا التحدي”.
يعالج برنامج نجوم العلوم في مؤسسة قطر هذه القضية، ويعمل على تمكين المبتكرين العرب الذين يهدفون إلى تقديم حلول جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، حيث يوفر للمتسابقين التواصل مع خبراء من مختلف الكيانات البحثية التي تركز على الذكاء الاصطناعي في البلاد، ويشجعهم على تحويل أفكارهم إلى منتجات ملموسة تتواءم مع التطبيقات المحلية ذات الصلة بهذه التقنية المثمرة.
صمم العديد من خريجي البرنامج تطبيقات تعتمد على تقنية الذكاء الاصطناعي لتلائم ثقافة المنطقة واحتياجاتها بشكل أفضل، حيث ابتكرت المتسابقة في الموسم الثاني عشر، إيمان الحمد، من قطر، تطبيق خصوصية المعلومات بالعربية، وذلك لسد فجوة ندرة اللغة العربية بين التقنيات المعاصرة لمنع الاحتيال عبر الهاتف، كما قام زميلها المتسابق أحمد فتح الله، من مصر، بابتكار منصة تعليمية باستخدام المكعبات الإلكترونية، والتي تستخدم خوارزميات التعلم الآلي لتحليل أنماط تعلم الأطفال لتشخيص مشاكل النمو المبكر بشكل أفضل.
ومن الجوانب الايجابية الأخرى التي تساعد الشباب العربي على تحدي هذه السرديات، الحالة الواعدة لتطوير المواهب في المنطقة، حيث تواكب المؤسسات التعليمية المحلية التي تركز على الذكاء الاصطناعي مثيلتها في دول العالم، وحسب موقع CSRankings.org، فإن ثلاثة معاهد عربية، تأسست جميعها منذ عام 2009، تسجل مراتب متقدمة بين أفضل 210 معهد في العالم في مجالات الذكاء الاصطناعي، والرؤية الحاسوبية، والتعلم الآلي، ومعالجة اللغات الطبيعية.
تواكب قطر أيضًا هذا المشهد التقني الجديد، من خلال تأسيس جامعة الدوحة للعلوم والتكنولوجيا، وهي أول جامعة للعلوم التطبيقية في البلاد، وقد احتفلت الجامعة هذا العام بأول دفعة من خريجيها، ومنهم دفعة من خريجي بكالوريوس العلوم في علم البيانات والذكاء الاصطناعي.
ومن جانبه، قال الدكتور رشيد بن العمري، نائب الرئيس للشؤون الأكاديميّة: “تستفيد المنطقة من الإمكانات المذهلة للذكاء الاصطناعي، فمن خلال إنشاء مؤسسات محلية ذات مستوى عالمي، يمكننا الحفاظ على ألمع العقول وتقديم منظور عربي لسرد الذكاء الاصطناعي السائد، حيث سيساعد ذلك في ابتكار تطبيقات جديدة تستخدم الذكاء الاصطناعي لإيجاد حلول لأبرز المشكلات التي تواجهها منطقتنا العربية، مما يمكّن مجتمعاتنا من التطور بوتيرة أسرع”.
وبينما يستمر الذكاء الاصطناعي في لعب دور أكبر في حياتنا، فإن الخطاب العالمي المتعلق به غالبًا ما يستبعد وجهات النظر العربية، مما يؤدي إلى ابتكار تقنيات لا تلبي احتياجات المنطقة بشكل كاف، لذلك فإن مبادرات تنمية المواهب في جميع أنحاء المنطقة، مثل برنامج نجوم العلوم، تساعد الشباب العربي على إحداث تغيير إيجابي في سرديات الذكاء الاصطناعي لتعبر عنهم وعن مجتمعاتهم.
سيتم بث الموسم الرابع عشر من برنامج نجوم العلوم يومي الجمعة والسبت من كلّ أسبوع اعتباراً من 2 سبتمبر 2022 ولغاية 14 أكتوبر 2022 عبر ست قنوات عربية وعبر موقع وقناة يوتيوب للبرنامج.